مقال جميل للكاتب فؤاد الهاشم منشور بجريدة الوطن الكويتية بتاريخ 20 / 5 /2007
.. أتمنى على الرئيس المصري »حسني مبارك« ان يعيد النظر في قراره عدم السماح بإقامة جسر بين المملكة العربية السعودية ومصر بسبب.. » الضوضاء والازعاج والربكة التي قد يسببها اقامة مثل هذا المشروع لمدينة شرم الشيخ الهادئة وخوفا من هروب السائحين الاجانب.. منها« ـ كما صرح فخامته لوسائل الإعلام المصرية ونقلتها كل وكالات الانباء في العالم!! لديَّ حكاية اود ابلاغها لفخامة الرئيس »حسني مبارك« حدثت لنا قبل حوالي ثلاث سنوات حين زرنا ـ ضمن وفد اعلامي رسمي كويتي كبير ـ مدينة »اسوان« الجميلة لإقامة مهرجان اسمه.. »الكويت في عيون مصر«، وملخصها اننا اقمنا في فندق »موفنبيك« الذي تحيط به مياه النيل من كل صوب ونذهب اليه ونغادره بزوارق صغيرة تجعل الرحلة كلها تتسم بالشاعرية والهدوء!! خلال ترحيب مدير الفندق بنا قال لنا ـ ضاحكا ـ بأن الاوان قد آن لموظفي الاستقبال لديه لسماع صوت بطاقات الائتمان التابعة لأعضاء الوفد الكويتي وهي تدخل داخل الآلات وتخصم منها مصاريفنا »الكبيرة« في مطاعم الفندق وخدمات الغرف والغسيل والمكالمات الهاتفية.. الى آخره! ثم اكمل المدير حديثه قائلا.. »هل تصدقون ان الاجانب يأتون الينا لمدة اسبوع أو عشرة ايام ثم يغادرون الى بلدانهم وحسابهم في الفندق هو.. صفر«! استطرد شارحا.. »انهم يأتون بحقائب محمولة على ظهورهم، بها عدد من زجاجات المياه التي اما انهم اشتروها من السوق المحلي أو جاؤوا بها من بلدانهم، بعضهم شاهدنا في حقيبته علب بلوبيف يأكلها في الغرفة مع اكياس البطاطا ـ شيبس، انهم لا يشترون من خدمات الغرف حتى زجاجة مياه معدنية.. واحدة، زائد ان اسعار الغرف قد حصلوا عليها بخصومات تصل الى %50 من المكاتب السياحية في الخارج، ومع رحلات طيران (الشارتر) الرخيصة يكون الواحد منهم قد دفع مبلغا لا يزيد على خمسمائة أو ستمائة دولار للرحلة زائد الاقامة وحصة مصر منها لا تتجاوز ربع هذا المبلغ«!! سيادة الرئيس حسني مبارك.. ما اود ان اقوله بأن هذا الجسر ـ لو اقيم ـ فإنه سيدفع بعشرات الآلاف من الخليجيين للسفر الى مصر بسياراتهم وعائلاتهم وخدمهم، وربما سوف تحتاج مدينة شرم الشيخ الى عشرات الفنادق الجديدة، وبالطبع سيتدافع المستثمرون لضخ مئات الملايين من الدولارات بداخلها لإقامة هذه المنشآت السياحية الجديدة، ناهيك ان هذا الجسر سوف يخدم حوالي مليون ونصف المليون مصري ممن يعملون في دول الخليج ويسهل عبور آلاف الشاحنات التي ستحمل منتجات مصر الى اشقائها في دول الخليج والعكس.. صحيح بالإضافة لخدمة عشرات الآلاف من الحجاج والمعتمرين المصريين كل عام في رحلتهم الى الاراضي المقدسة، وبالطبع، لا ننسى حكاية ربط قارتي آسيا وافريقيا ـ للمرة الاولى عبر التاريخ ـ بواسطة هذا الجسر العملاق، اما عن النواحي الامنية، فإن الشرطة المصرية مشهود لها بالكفاءة والذراع الطويلة، ودوريات مشتركة امنية جوا وبرا ـ عبر الجسر ـ وبحرا مع الامن السعودي كفيلة بأن تجعل مشروعا كهذا يضاف الى قائمة الانجازات العظيمة في عهد الرئيس مبارك، ثم.. ما المانع من اقامة »شرم ـ شيخ« ثانية على خليج العقبة و»شرم« ثالثة على البحر الاحمر، ورابعة على »المتوسط« وخامسة على ضفاف النيل ما دامت سواعد المصريين الذين بنوا الاهرامات وحفروا قناة السويس هم الذين بنوا »شرم ـ الشيخ« الاصلية و»الغردقة« و»دهب« و»طابا« و.. غيرها؟! اذا كان السائح الاوروبي سوف يأتي الى مصر محملا »بحقيبة ظهر« بها علب بلوبيف وزجاجات مياه وبخصم %50، فإن السياحة في مصر »مستغنية عنه وعن سياحته«، لأن المهم هو مصر واقتصاد مصر!ــــ.. ! تاريخ النشر: الاحد 20/5/2007 |
