حول الآثار الكارثية لزيارات الرئيس مبارك إلى ربوع مصر: في أي نظام سياسي يحترم مواطنيه، أو علي الأقل يحترم نفسه، لا يمكن أن تؤدي جولات الرئيس إلي تعطيل الدراسة وإجلاء التلاميذ لتحويل المدارس إلي ثكنات عسكرية ومعسكرات مبيت للجنود .. ولا إلي عجز المرضي عن الوصول للمستشفيات، ولجوء المواطنين إلي طرق التفافية لتفادي الحواجز ونقاط التفتيش.. مثلما تجبر إسرائيل الفلسطينيين علي الالتفاف.ولا يمكن أن تكون زيارة أي مسئول مناسبة لتجريدة أمنية تأخذ العامل بالعاطل، والناس فيهم ما يكفيهم.وما حدث فور الإعلان عن زيارة مبارك للأقصر وأسوان هو مأساة متكررة سوف يذكرها الناس لسنوات.قبلها بأيام كانت القاهرة تصرخ لما أصابها من شلل بسبب قراءة الرئيس «الفاتحة» علي أرواح الجندي المجهول وعبد الناصر والسادات في يوم عمل، وكانت أمامه عطلة 6 أكتوبر، الذي لم يتحول مثل السبت اليهودي إلي يوم يحرمون فيه العمل.ولكن مبارك لم يلتفت إلي صرخات القاهرة، وقرر أن يوزع الأوجاع علي محافظات مصر بالعدل والقسطاس، فامتد بها من العاصمة إلي أقصي الصعيد.والمفروض أن تؤدي جولات الرئيس إلي حل مشاكل الناس وتخفيف أوجاعهم، لكنها تزيدهم هما، وتحملهم ما لا طاقة لهم به.ولو بقي الرئيس في القصر الجمهوري لأراح نفسه وأراح العساكر المجهدين، وأراح الشعب الذي يبتهل إلي الله في كل عكننة أن يريحه من هذا العذاب.وبماذا تفيد هذه الجولات؟ رصف شارع أو طلاء مبني يمر عليه موكب الرئيس .. أو سماع قصيدة نفاق يتلوها عليه مسئول فاشل كان يستحق الإقالة.هل سمعتم يوما أن مبارك أقال مسئولا لأنه عطّل مصالح الناس؟ أو لما نال سمعته من تشويه بسبب الفساد، أو أطاح بمستبد زكمت رائحته الأنوف؟ هو علي العكس بدلا من أن يحصنها بالعدل يحصنهم بعضوية البرلمان.لماذا إذا يتحمل ويحمل معه الشعب كل هذه الأعباء .. لكي يشعرنا أنه مهتم بمصالح الشعب؟ نحن نعرف!.. ليقابل بالصدفة فلاحا وهو يتجول في الفيوم، فيذهب معه إلي العشة ليتسامرا في أحوال البلاد والعباد، ثم يكتشف الناس أنه مخبر في الداخلية!وفي مناسبة سابقة زار مبارك أحد المصانع، وسأل شخصا يرتدي زي عامل عن وظيفته، فتردد وتلعثم .. ولما ألح مبارك في السؤال أجابه: مخبر يا سيادة الرئيس |